خانه » همه » مذهبی » محتوای سوره مائده و معرفی آن در تفاسیر

محتوای سوره مائده و معرفی آن در تفاسیر

در این مقاله به بیان محتوای سوره مائده و معرفی آن در تفاسیر پرداخته می شود.

 

الاساس فى التفسير

سورة المائدة، و هي السّورة الخامسة بحسب الرّسم القرآني و هي السّورة الرابعة من قسم الطّوال و آياتها مائة و عشرون و هي مدنيّة.

كلمة في سورة المائدة:
قلنا إن المقطع الأول من القسم الأول من سورة البقرة و الذي جاء بعد مقدمة سورة البقرة، هو مقطع الطريقين فبعد أن ذكرت مقدمة سورة البقرة أصناف الناس:
متقين، و كافرين، و منافقين، جاء المقطع الأول ليوضح الطريق إلى التقوى، و الطريق إلى الكفر و النفاق، فجاءت الآيات الخمس الأولى منه لتوضح الطريق إلى التقوى، و هي التي كانت محور سورة النساء. و بعد هذه الآيات الخمس تأتي آيتان هما محور سورة المائدة، ثم آيتان هما محور سورة الأنعام.
فالآيتان اللتان هما محور سورة المائدة، تتكلمان في الفسوق الذي هو الطريق إلى الكفر و النفاق، و الآيتان اللتان هما محور سورة الأنعام تناقشان الكافرين بكفرهم، و تقيمان عليهم الحجة من خلال ظاهرتي الحياة و العناية. و إذا قلنا إن سورة النساء تكلمت في الطريق إلى التقوى، و سورة المائدة تكلمت في الطريق إلى الفسوق، فذلك في سياقهما الرئيسي، إن آيتي البقرة اللتين تشكلان محور سورة المائدة هما:
إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها* فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ. وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَ ما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ‏.
فهذا هو الطريق إلى الكفر و النفاق، نقض للعهد، و قطع لما أمر اللّه به أن يوصل، و إفساد في الأرض، فهؤلاء هم الفاسقون، و هم الخاسرون، و هم الكافرون، و هم المنافقون بقسميهم. و تأتي سورة المائدة لتحرر المرء من هذه الأخلاق، و تفصّل فيها، و تدعو إلى ما يقابلها. فهي تبدأ بقوله تعالی  يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

 

البحر المديد فى تفسير القرآن المجيد

سورة المائدة مدنية. و هى مائة و عشرون آية، و ألفان و ثمان مائة و أربع كلمات، و قرأها النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فى حجة الوداع، و قال:
«يا أيها الناس، إن سورة المائدة من آخر القرآن نزولا، فأحلوا حلالها و حرموا حرامها» «1». و قال ابن عمر: (أنزلت سورة المائدة و النبي صلّى اللّه عليه و سلّم على راحلته، فلم تستطع أن تحمله حتى نزل). و هى مكملة لما تضمنته سورة النساء من عقود الأحكام الستة، و لذلك افتتحها بالتوصية على الوفاء بها، فقال:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلی  عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ .

 

التبيان فى تفسير القرآن

سورة المائدة، هي مدنية في قول ابن عباس و مجاهد و قتادة.
و قال جعفر بن مبشر: هي- مدنية إلا آية منها نزلت في حجة الوداع و هي قوله: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» و هي كلها مدنية بمعنى انها نزلت بعد الهجرة.
و قال الشعبي: نزل قوله: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ» و النبي (صلى اللَّه عليه و آله) واقف على راحلته في حجة الوداع.
و قال عبد اللَّه بن عمر آخر سورة نزلت المائدة. و هي مائة و عشرون آية كوفي و اثنتان و عشرون في المدينتين. و ثلاثة و عشرون بصرى.

التحرير و التنوير

سورة المائدة:
هذه السورة سمّيت في كتب التفسير، و كتب السنّة، بسورة المائدة: لأنّ فيها قصّة المائدة التي سألها الحواريون من عيسى- عليه السلام-، و قد اختصّت بذكرها. و في «مسند» أحمد بن حنبل و غيره وقعت تسميتها سورة المائدة في كلام عبد اللّه بن عمر، و عائشة أمّ المؤمنين، و أسماء بنت يزيد، و غيرهم. فهذا أشهر أسمائها.
و تسمّى أيضا سورة العقود: إذ وقع هذا اللفظ في أوّلها. و تسمّى أيضا المنقذة.
ففي «أحكام ابن الفرس»: روي عن النبي‏ء صلى اللّه عليه و سلّم قال: «سورة المائدة تدعى في ملكوت السموات المنقذة»
. قال: أي أنّها تنقذ صاحبها من أيدي ملائكة العذاب.
و في كتاب كنايات الأدباء لأحمد الجرجاني‏ «1» «يقال: فلان لا يقرأ سورة الأخيار، أي لا يفي بالعهد، و ذلك أنّ الصحابة- رضي اللّه عنهم- كانوا يسمّون سورة المائدة سورة الأخبار. قال جرير:
إنّ البعيث و عبد آل متاعس‏              لا يقرآن بسورة الأخيار

و هي مدنيّة باتّفاق، روي أنّها نزلت منصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم من الحديبية، بعد سورة الممتحنة، فيكون نزولها بعد الحديبية بمدّة؛ لأنّ سورة الممتحنة نزلت بعد رجوع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إلى المدينة من صلح الحديبية، و قد جاءته المؤمنات مهاجرات، و طلب منه المشركون إرجاعهنّ إليهم عملا بشروط الصلح، فأذن اللّه للمؤمنين بعدم إرجاعهنّ بعد امتحانهنّ.
روى ابن أبي حاتم عن مقاتل أنّ آية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الصَّيْدِ
______________________________
(1) صفحة (121) من «المنتخب من كنايات الأدباء» طبع السعادة بمصر سنة 1326.

– إلى- عَذابٌ أَلِيمٌ‏ [المائدة: 94] نزلت عام الحديبية فلعلّ ذلك الباعث للذين قالوا: إنّ سورة العقود نزلت عام الحديبية. و ليس وجود تلك الآية في هذه السورة بمقتض أن يكون ابتداء نزول السورة سابقا على نزول الآية إذ قد تلحق الآية بسورة نزلت متأخّرة عنها.
و في «الإتقان»: إنّها نزلت قبل سورة النساء، و لكن صحّ أنّ آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ [المائدة: 3] نزلت يوم عرفة في عام حجّة الوداع. و لذلك اختلفوا في أنّ هذه السورة نزلت متتابعة أو متفرّقة، و لا ينبغي التردّد في أنّها نزلت منجّمة.
و قد روي عن عبد اللّه بن عمرو و عائشة أنّها آخر سورة نزلت، و قد قيل: إنّها نزلت بعد النساء، و ما نزل بعدها إلّا سورة براءة، بناء على أنّ براءة آخر سورة نزلت، و هو قول البراء بن عازب في «صحيح البخاري». و في «مسند أحمد» عن عبد اللّه بن عمرو، و أسماء بنت يزيد: أنّها نزلت و رسول اللّه في سفر، و هو على ناقته العضباء، و أنّها نزلت عليه كلّها. قال الربيع بن أنس: نزلت سورة المائدة في مسير رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم إلى حجّة الوداع.
و في «شعب الإيمان»، عن أسماء بنت يزيد: أنّها نزلت بمنى. و عن محمد بن كعب: أنّها نزلت في حجّة الوداع بين مكة و المدينة. و عن أبي هريرة: نزلت مرجع رسول اللّه من حجّة الوداع في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة. و ضعّف هذا الحديث. و قد قيل: إنّ قوله تعالى: وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ‏ [المائدة:2] أنزل يوم فتح مكة.
و من الناس من روى عن عمر بن الخطاب: أنّ سورة المائدة نزلت بالمدينة في يوم اثنين. و هنالك روايات كثيرة أنّها نزلت عام حجّة الوداع؛ فيكون ابتداء نزولها بالمدينة قبل الخروج إلى حجّة الوداع. و قد روي عن مجاهد: أنّه قال: الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ‏- إلى- غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ [المائدة: 3] نزل يوم فتح مكة. و مثله عن الضحّاك، فيقتضي قولهما أن تكون هذه السورة نزلت في فتح مكة و ما بعده.
و عن محمد بن كعب القرظيّ: أن أوّل ما نزل من هذه السورة قوله تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ‏- إلى قوله- صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ [المائدة: 15، 16] ثم نزلت بقيّة السورة في عرفة في حجّة الوداع.
و يظهر عندي أنّ هذه السورة نزل بعضها بعد بعض سورة النساء، و في ذلك ما يدلّ على أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم قد استقام له أمر العرب و أمر المنافقين و لم يبق في عناد الإسلام‏
إلّا اليهود و النصارى. أمّا اليهود فلأنّهم مختلطون بالمسلمين في المدينة و ما حولها، و أمّا النصارى فلأنّ فتوح الإسلام قد بلغت تخوم ملكهم في حدود الشام. و في حديث عمر في «صحيح البخاري»: و كان من حول رسول اللّه قد استقام له و لم يبق إلّا ملك غسان بالشام كنّا نخاف أن يأتينا.
و قد امتازت هذه السورة باتّساع نطاق المجادلة مع النصارى، و اختصار المجادلة مع اليهود، عمّا في سورة النساء، ممّا يدلّ على أنّ أمر اليهود أخذ في تراجع و وهن، و أنّ الاختلاط مع النصارى أصبح أشدّ منه من ذي قبل.
و في سورة النساء تحريم السّكر عند الصلوات خاصّة، و في سورة المائدة تحريمه بتاتا، فهذا متأخّر عن بعض سورة النساء لا محالة. و ليس يلزم أنّ لا تنزل سورة حتّى ينتهي نزول أخرى بل يجوز أن تنزل سورتان في مدّة واحدة. و هي، أيضا، متأخّرة عن سورة براءة: لأنّ براءة تشتمل على كثير من أحوال المنافقين و سورة المائدة لا تذكر من أحوالهم إلّا مرّة، و ذلك يؤذن بأنّ النفاق حين نزولها قد انقطع، أو خضّدت شوكة أصحابه، و إذ قد كانت سورة براءة نزلت في عام حجّ أبي بكر بالناس، أعني سنة تسع من الهجرة.
فلا جرم أنّ بعض سورة المائدة نزلت في عام حجّة الوداع، و حسبك دليلا اشتمالها على آية الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ [المائدة: 3] التي اتّفق أهل الأثر على أنّها نزلت يوم عرفة، عام حجّة الوداع، كما في خبر عن عمر بن الخطاب. و في سورة المائدة [3] قوله تعالى: الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ‏. و
في خطبة حجّة الوداع يقول رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم: «إنّ الشيطان قد يئس أن يعبد في بلدكم هذا و لكنّه قد رضي بما دون ذلك ممّا تحقرون من أعمالكم».
و قد عدّت السورة الحادية و التسعين في عدد السور على ترتيب النزول. عن جابر بن زيد، نزلت بعد سورة الأحزاب و قبل سورة الممتحنة. و عدد آيها: مائة و اثنتان و عشرون في عدد الجمهور، و مائة و ثلاث و عشرون في عدّ البصريين، و مائة و عشرون عند الكوفيين.
و جعلت هذه السورة في المصحف قبل سورة الأنعام مع أنّ سورة الأنعام أكثر منها عدد آيات: لعلّ ذلك لمراعاة اشتمال هذه السورة على أغراض تشبه ما اشتملت عليه سورة النساء عونا على تبيين إحداهما للأخرى في تلك الأغراض.
و قد احتوت هذه السورة على تشريعات كثيرة تنبي‏ء بأنّها أنزلت لاستكمال شرائع الإسلام، و لذلك افتتحت بالوصاية بالوفاء بالعقود، أي بما عاقدوا اللّه عليه حين دخولهم في الإسلام من التزام ما يؤمرون به، فقد كان النبي‏ء صلى اللّه عليه و سلّم يأخذ البيعة على الصلاة و الزكاة و النصح لكلّ مسلم، كما في حديث جابر بن عبد اللّه في الصحيح. و أخذ البيعة على الناس بما في سورة الممتحنة، كما روى عبادة بن الصامت. و وقع في أوّلها قوله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ [المائدة: 1]. فكانت طالعتها براعة استهلال.
و ذكر القرطبي أنّ فيها تسع عشرة فريضة ليست في غيرها، و هي سبع في قوله:
وَ الْمُنْخَنِقَةُ، وَ الْمَوْقُوذَةُ، وَ الْمُتَرَدِّيَةُ، وَ النَّطِيحَةُ. وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ‏ … وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ، وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ‏ [المائدة: 3]، وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ‏ [المائدة: 4]، وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ‏ … وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ‏ [المائدة: 5]، و تمام الطهور إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [المائدة: 6]، (أي إتمام ما لم يذكر في سورة النساء) وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ [المائدة: 38]. و لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ‏- إلى قوله- عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ‏ [المائدة: 95]، و ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ‏ [المائدة:103]، و قوله تعالى: شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ‏ [المائدة: 106] الآية و قوله:
وَ إِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [المائدة: 58] ليس في القرآن ذكر للأذان للصلوات إلّا في هذه السورة. اه.
و قد احتوت على تمييز الحلال من الحرام في المأكولات، و على حفظ شعائر اللّه في الحجّ و الشهر الحرام، و النهي عن بعض المحرّمات من عوائد الجاهلية مثل الأزلام، و فيها شرائع الوضوء، و الغسل، و التيمّم، و الأمر بالعدل في الحكم، و الأمر بالصدق في الشهادة، و أحكام القصاص في الأنفس و الأعضاء، و أحكام الحرابة، و تسلية الرسول صلى اللّه عليه و سلّم عن نفاق المنافقين، و تحريم الخمر و الميسر، و الأيمان و كفارتها، و الحكم بين أهل الكتاب، و أصول المعاملة بين المسلمين، و بين أهل الكتاب، و بين المشركين و المنافقين، و الخشية من ولايتهم أن تفضي إلى ارتداد المسلم عن دينه، و إبطال العقائد الضالّة لأهل الكتابين، و ذكر مساو من أعمال اليهود، و إنصاف النصارى فيما لهم من حسن الأدب و أنّهم أرجى للإسلام و ذكر قضية التيه، و أحوال المنافقين، و الأمر بتخلّق المسلمين بما يناقض أخلاق الضالّين في تحريم ما أحل لهم، و التنويه بالكعبة و فضائلها و بركاتها على الناس، و ما تخلّل ذلك أو تقدّمه من العبر، و التذكير للمسلمين بنعم اللّه تعالى، و التعريض‏ بما وقع فيه أهل الكتاب من نبذ ما أمروا به و التهاون فيه. و استدعاؤهم للإيمان بالرسول الموعود به.
و ختمت بالتذكير بيوم القيامة، و شهادة الرسل على أممهم، و شهادة عيسى على النصارى، و تمجيد اللّه تعالى.

 

التفسير الحديث

سورة المائدة:
في السورة فصول عديدة تضمنت أحكاما و تشريعات تعبدية و اجتماعية و أخلاقية و سياسية و معاشية و شخصية، مثل وجوب احترام العهود و تقاليد الحج و أمن الحجاج دون تأثر بعداء أو بغضاء، و الأمر بالتعاون على البرّ و التقوى و عدم التعاون على الإثم و العدوان بسبب ذلك و الحالات التي يحرم فيها أكل لحوم الأنعام. و حلّ صيد الجوارح. و حل طعام الكتابيين للمسلمين و التزوج بنسائهم و حلّ طعام المسلمين لهم. و أركان الوضوء و الطهارة و رخصة التيمم. و توكيد العدل شهادة و حكما دون تأثر بعداء أو بغضاء. و النهي عن تحريم الطيبات و تشريع حدّ الفساد في الأرض و السرقة و تحلّة اليمين. و النهي عن الخمر و الميسر و ذبائح القمار و الأنصاب. و النهي عن صيد البرّ في الحج و تشريع كفارته مع تحليل صيد البحر. و تسفيه بعض العادات الجاهلية المتصلة بالأنعام. و التنويه بتقاليد الحج و الكعبة و منافعها. و تشريع الإشهاد على التركات و تحقيق صحة الشهادة.
و فيها كذلك فصول عديدة في النصارى و اليهود. احتوت دعوتهم إلى الإسلام. و إيذانهم برسالة النبي إليهم. و كون القرآن جاء مصدقا لما قبله من الكتب و مهيمنا عليها. و تنديدا بأعمال و دسائس اليهود و مكرهم و ربط حاضر أخلاقهم و مواقفهم بماضي أخلاق آبائهم و مواقفهم و حكاية تعجيزهم لموسى في صدد دخول الأرض المقدسة. و حكاية قتل أحد ابني آدم لأخيه و ما احتوته شريعة اليهود من أحكام الجرائم. و حكمة اختلاف الشرائع عن بعضها. و تقرير كون اليهود و المشركين أشد الناس عداوة للمسلمين و تحذيرا منهم. و نهيا عن موالاة اليهود و النصارى الذين يعادون المسلمين و يسخرون من دينهم. و وجوب حصر الولاء فيما بين المسلمين. و تنديدا بعقيدة النصارى بالمسيح و أمّه و تقريرا ببطلانها لذاتها و على لسان السيد المسيح. و مشهدا من مشاهد إيمان بعض النصارى الذين منهم قسيسون و رهبان بما أنزل على النبي صلى اللّه عليه و سلم و ثناء محببا عليهم. و تقرير كون النصارى هم أقرب الناس مودة للمسلمين. و فصلا عن رسالة المسيح لبني إسرائيل و المعجزات التي جاء بها و مواقفهم تجاهها. و إيمان الحواريين به و استنزال مائدة من السماء بناء على طلبهم. و قد سميت السورة باسمها بسبب ذلك.
و قد تخلل هذه الفصول و تلك أمثال و مواعظ استطرادية و تذكيرية و تدعيمية و تعقيبية أيضا.
و لقد أورد ابن كثير حديثا أخرجه الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد قالت «إني لآخذة بزمام العضباء ناقة رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم إذ نزلت عليه المائدة كلها و كادت من ثقلها تدقّ عضد الناقة» و حديثا أخرجه ابن مردويه عن أم عمرو عن عمها «أنه كان في مسير مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فنزلت عليه سورة المائدة فاندقّ عنق الراحلة من ثقلها» و حديثا أخرجه الإمام أحمد أيضا عن عبد اللّه بن عمرو قال: «أنزلت على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم سورة المائدة و هو راكب على راحلته فلم تستطع أن تحمله فنزل عنها» و أورد حديثا أخرجه الترمذي عن عبد اللّه بن عمرو أيضا قال «آخر سورة أنزلت سورة المائدة و الفتح» «1» و حديثا أخرجه الحاكم عن جبير بن نفير قال «حججت فدخلت على عائشة فقالت لي يا جبير تقرأ المائدة؟ فقلت نعم فقالت أما أنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلّوه و ما وجدتم من حرام فحرّموه». و لم ينفرد ابن كثير في إيراد هذه الأحاديث حيث أوردها مفسرون آخرون أقدم منه، مثل الطبري و البغوي و الزمخشري، منهم من أوردها جميعها و منهم من أورد بعضها. و منهم من زاد عليها حيث روى الطبري عن عكرمة أن‏
______________________________
(1) أورد ابن كثير حديثا عن ابن عباس أن آخر سورة نزلت‏ إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ‏ فالمتبادر أن المقصود من الفتح في حديث الترمذي هو هذه السورة.

عمر بن الخطاب قال «نزلت سورة المائدة يوم عرفة و وافق يوم الجمعة». و في تفسير القاسمي حديث عن محمد بن كعب قال «نزلت سورة المائدة في حجة الوداع فيما بين مكة و المدينة».
و هذه الأحاديث تثير العجب. فالسورة تحتوي فصولا متعددة و متنوعة.
و فحواها يلهم بقوة أنها نزلت في فترات مختلفة متفاوتة. و فحوى بعضها يلهم بقوة كذلك أن منها ما نزل قبل فصول أخرى في سور متقدمة عليها في الترتيب مثل فصول اليهود التي يمكن القول بقوة إنها نزلت في ظرف كان اليهود كتلة كبيرة و قوية في المدينة و على الأقل إنها نزلت قبل فصول وقعتي الأحزاب و بني قريظة في سورة الأحزاب أي قبل التنكيل ببني قريظة آخر من بقي من جماعات اليهود في المدينة، و مثل الفصل الذي يندد بالمنافقين لموالاتهم اليهود و قولهم إننا نخاف دائرة تدور علينا. و فحوى بعضها يلهم بقوة أيضا أنه نزل عقب صلح الحديبية و قبل فتح مكة على كل حال و قبل نزول سورة التوبة التي تأمر بقتال المشركين أنّى وجدوا و تأمر بمنعهم من الاقتراب من المسجد الحرام لأنهم نجس حيث أمر فصل من فصولها بالوفاء بالعهود و العقود و نهى عن صدّ حجاج بيت اللّه عن الذهاب إلى مكة للحج انتقاما من أهلها الذين صدوا المسلمين عن المسجد الحرام. بل إن دلالات هذه الفصول على ذلك تكاد تكون قطعية.
و كل هذا يجعلنا نتوقف في الأحاديث التي تقول إنها نزلت دفعة واحدة أو إنها آخر ما نزل من القرآن، و نقول إن فصولها ألّفت تأليفا بعد تكامل نزول ما اقتضت حكمة التنزيل أن تحتويه من فصول. و كل ما يحتمل أن يكون أن بعض فصولها قد تأخر في النزول إلى أواخر عهد النبي صلى اللّه عليه و سلم و أن تأليفها تأخر بناء على ذلك إلى أواخر هذا العهد. و من الجدير بالذكر أنه ليس شي‏ء من هذه الأحاديث واردا في الكتب الخمسة.
و المصحف الذي اعتمدناه يروي ترتيبها بعد سورة الفتح. و تروي هذا رواية أخرى. في حين أن هناك روايات ترتيب تجعلها بعد عدة سور بعد سورة الفتح‏ . و قد جارينا المصحف الذي اعتمدناه. و المتبادر أن رواية ترتيبها بعد سورة الفتح هي بسبب مطلع السورة الذي نرجح أنه نزل بعد صلح الحديبية بوقت قصير. و اللّه تعالى أعلم.

 

التفسير القرآنى للقرآن

سورة المائدة:
نزولها: هى مدنيّة بالإجماع، إلا قوله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً» فإنها نزلت يوم عرفة فى الموقف، فى حجة الوداع، و رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم راكب على ناقته «العضباء» فسقطت الناقة على ركبتها من ثقل الوحى.
عدد آياتها: مائة و عشرون آية .. و قيل مائة و اثنتان و عشرون آية ..
عدد كلماتها: ألفان و ثمان مائة و أربع آيات.
عدد حروفها: أحد عشر ألفا و تسع مائة و ثلاثة و ثلاثون حرفا.
بن عمر قال: «آخر سورة نزلت: المائدة و الفتح» و روى أحمد و النسائي و الحاكم و صححه، و البيهقي عن عائشة قالت: المائدة آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلّوه، و ما وجدتم فيها من حرام فحرّموه».

 

التفسير المنير فى العقيدة و الشريعة و المنهج

مناسبتها لما قبلها:
هناك أوجه تشابه بينها و بين سورة النساء، لاشتمال كل منهما على عدة عهود و عقود و أحكام و مناقشة أهل الكتاب و المشركين و المنافقين، ففي سورة النساء الكلام على عقود الزواج و الأمان و الحلف و المعاهدة، و الوصايا و الودائع و الوكالات و الإجارات، و ابتدأت سورة المائدة بالأمر بالوفاء بالعقود. و مهدت سورة النساء لتحريم الخمر، و حرمتها سورة المائدة بنحو قاطع، و تضمنت السورتان مناقشة أهل الكتاب و المشركين و المنافقين في عقائدهم و مواقفهم من الرسالة المحمدية.

ما اشتملت عليه:
اشتملت سورة المائدة على أحكام تشريعية و ثلاث قصص. أما الأحكام:
فهي بيان أحكام العقود و نكاح الكتابيات و الوصية عند الموت، و المطعومات من ذبائح و صيود، و صيد الإحرام و جزائه، و الطهارة من وضوء و غسل و تيمم، و تحريم الخمر و الميسر و جزاء الردة، و حد السرقة و حد الحرابة (قطع الطريق) و كفارة اليمين، و شريعة الجاهلية بتحريم البحيرة و السائبة و الوصيلة و الحام، و حكم تارك العمل بما أنزل اللّه، و نحو ذلك في أثناء مناقشة و مجادلة النصارى و اليهود و المشركين و المنافقين.
قال العلماء: فيها ثمان عشرة فريضة ليست في غيرها؛ و هي: الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ‏، وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ‏ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ‏ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ‏ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ‏ و تمام الطهور: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ، وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ، لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ‏ إلى قوله: عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ‏ و ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ‏ و قوله تعالى: شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ‏ الآية.
و ذكر القرطبي فريضة تاسعة عشرة و هي قوله عز و جل: وَ إِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ: ليس للأذان ذكر في القرآن إلا في هذه السورة، أما ما جاء في سورة الجمعة فمخصوص بالجمعة، و هو في هذه السورة عام لجميع الصلوات.
و في الجملة انفردت سورة المائدة ببيان أصول مهمة في الإسلام هي:
1- إكمال الدين، و أن دين اللّه واحد، و إن اختلفت شرائع الأنبياء و مناهجهم.
2- بيان عموم بعثة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و أمره بالتبليغ العام، و انحصار مهمته بالتبليغ فقط.
3- أوجب اللّه على المؤمنين إصلاح نفوسهم، و أنه لا يضرهم إن استقاموا ضلال غيرهم، و طريق الإصلاح الوفاء بالعقود، و تحريم الاعتداء على الآخرين، و التعاون على البر و التقوى و تحريم التعاون على الإثم و العدوان، و تحريم موالاة الكفار، و وجوب الشهادة بالعدل، و الحكم بالقسط و المساواة بين المسلمين و غيرهم.
4- بيان أحكام المطعومات، و تحريم الخمر و الميسر (القمار) و الأنصاب و الأزلام.
5- تفويض أمر الجزاء في الآخرة إلى اللّه وحده، و أن النافع في ذلك اليوم الصدق.
و أما القصص الثلاث الواردة للعبرة و العظة فهي: الأولى- قصة بني إسرائيل مع موسى عليه السلام إذ قالوا له: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ‏. و الثانية- قصة ابني آدم، حيث قتل قابيل هابيل، و هي أول جريمة في الأرض. و الثالثة- قصة المائدة التي كانت معجزة خارقة لعيسى عليه السلام أمام صحبه الحواريين.

 

التفسير الواضح

سورة المائدة مدنية إلا قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ (الآية)، فقد روى في الصحيحين عن عمر أن هذه الآية نزلت عشية عرفة يوم الجمعة عام حجة الوداع، و آياتها مائة و عشرون آية.
و هي كسورة النساء كلاهما مشتمل على عدة عهود و أحكام، و فيهما ذكر لأهل الكتاب و المنافقين، و قد مهدت سورة النساء لتحريم الخمر ثم جاء تحريمها قاطعا في المائدة، و
روى عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم‏ أنه قرأ سورة المائدة في حجة الوداع و قال: «يا أيها الناس إن سورة المائدة آخر ما نزل فأحلوا حلالها و حرموا حرامها».

 

التفسير الوسيط للقرآن الكريم

تمهيد بين يدي السورة:
1- سورة المائدة هي السورة الخامسة من سور القرآن الكريم في ترتيب المصحف، فقد سبقتها سور: الفاتحة، و البقرة، و آل عمران، و النساء.
2- و هي مدنية باتفاق العلماء. بناء على القول الذي رجحه العلماء من أن القرآن المدني هو الذي نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم بعد الهجرة و لو كان نزوله في غير المدينة.
3- و عدد آياتها عشرون و مائة آية عند الكوفيين؛ و يرى الحجازيون و الشاميون أن عدد آياتها اثنتان و عشرون و مائة آية، و يرى البصريون أن عدد آياتها ثلاث و عشرون و مائة آية.
4- و لهذه السورة الكريمة أسماء أشهرها: المائدة.
و سميت بهذا الاسم، لأنها انفردت بذكر قصة المائدة التي طلب الحواريون من عيسى- عليه السلام- نزولها من السماء. و قد حكى اللّه- تعالى- ذلك في آخر السورة في قوله- تعالى-: إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ (الآيات من 112: 115) و تسمى أيضا بسورة العقود، لأنها السورة الوحيدة التي افتتحت بطلب الإيفاء بالعقود. قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و تسمى- أيضا- المنقذة.
قال القرطبي: و روى عنه صلّى اللّه عليه و سلم أنه قال: «سورة المائدة تدعى في ملكوت اللّه المنقذة. تنقذ صاحبها من أيدى ملائكة العذاب‏ «1».
و من هذا العرض نستطيع أن نستخلص بعض الحقائق البارزة في هذه السورة بصورة أظهر منها في غيرها. و من تلك الحقائق ما يأتى:
1- أن السورة الكريمة زاخرة بالأحكام الشرعية المتنوعة، فأنت تقرؤها بتدبر و خشوع فتراها قد بينت أحكاما شرعية منها ما يتعلق بالحلال و الحرام من الذبائح و من الصيد و منها ما يتعلق بالحلال و الحرام في فترة الإحرام و في المسجد الحرام. و منها ما يتعلق بالحلال و الحرام من النكاح، و منها ما يتعلق بالطهارة و الصلاة و التيمم، و منها ما يتعلق بوجوب التزام العدل في القضاء و في الشهادة و في غيرهما. و منها ما يتعلق بالحدود في السرقة و في قطع الطريق و الإفساد في الأرض. و منها ما يتعلق بأهل الكتاب إذا ما تحاكموا إلينا. و منها ما يتعلق بكفارات الايمان و كفارات قتل الصيد في حالة الإحرام. و منها ما يتعلق بالخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام.
و منها ما يتعلق بالبحيرة و السائبة و الوصيلة و الحامى من الأنعام. و منها ما يتعلق بالوصية عند الموت .. إلى غير ذلك من الأحكام الشرعية التي أفاضت في الحديث عنها هذه السورة الكريمة.
قال القرطبي: قال أبو ميسرة: المائدة من آخر ما نزل ليس فيها منسوخ. و فيها ثماني عشرة فريضة ليست في غيرها، و هي: الْمُنْخَنِقَةُ، وَ الْمَوْقُوذَةُ، وَ الْمُتَرَدِّيَةُ، وَ النَّطِيحَةُ، وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ‏ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ، وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ‏ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ‏ وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ‏ وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ‏، و تمام الطهور: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ أى: إتمام ما لم يذكر في سورة النساء- وَ السَّارِقُ وَ السَّارِقَةُ و لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ‏ إلى قوله: عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ‏. ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ، وَ لا سائِبَةٍ وَ لا وَصِيلَةٍ وَ لا حامٍ‏. و قوله- تعالى- شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ‏ الآية.
ثم قال القرطبي: قلت: و فريضة تاسعة عشرة و هي قوله- تعالى-: وَ إِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ إذ ليس للآذان ذكر في القرآن إلا في هذه السورة أما ما جاء في سورة الجمعة فمخصوص بالجمعة. و هو في هذه السورة عام لجميع الصلوات» «1».
2- إن الذي يقرأ سورة المائدة يراها قد وجهت جملة من النداءات إلى المؤمنين و قد تجاوزت هذه النداءات في كثرتها، تلك النداءات التي وردت في أطول سورة في القرآن و هي سورة البقرة.
______________________________
(1) تفسير القرطبي ج 6 ص 30

فقد وجهت سورة المائدة إلى المؤمنين ستة عشر نداء. و قد تضمن كل نداء تشريعا من التشريعات، أو أمرا من الأوامر: أو نهيا من النواهي، أو توجيها من التوجيهات؛ مما يدل على أن هذه السورة قد اهتمت اهتماما ملحوظا بتربية المؤمنين على المنهج الذي اختاره اللّه لهم.
و لا سيما بعد أن أكمل- سبحانه- لهم دينهم، و أتم عليهم نعمته.
و هذه هي النداءات التي وجهها اللّه- تعالى- إلى المؤمنين نسوقها مرتبة كما وردت في السورة.
1- قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ الآية 1، 2- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّه  الآية 2، 3- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا الآية 6، 4- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ الآية 8، 5- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ‏ الآية 11، 6- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ الآية 35، 7- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصاری  أَوْلِياءَ الآية 51 ، 8- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِه  الآية 54، 9- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَ لَعِباً الآية 57، 10- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ‏ الآية 87، 11- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ‏ الآية 90، 12- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ الصَّيْدِ الآية 94، 13- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ‏ الآية 95، 14- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ‏ الآية 101، 15- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ‏ الآية 105، 16- و قال- تعالى-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ‏ الآية 106 ، هذه هي النداءات التي وجهها- سبحانه- إلى المؤمنين في سورة المائدة، و أنت إذا تأملت فيها ترى كل نداء منها يعتبر قانونا منظما لناحية من نواحي الحياة عند المسلمين فيما يختص بأنفسهم، أو فيما يختص بعلاقتهم بغيرهم.
و سنفصل القول في هذه الآيات المشتملة على تلك النداءات عند تفسيرنا لها- إن شاء اللّه-.
3- أن السورة الكريمة حافلة بالحديث عن أحوال أهل الكتاب، فقد تحدثت عن عقائدهم الفاسدة، وردت عليهم بما يبطل معتقداتهم بأسلوب منطقي رصين: و لم تكتف بهذا بل‏ أرشدتهم في كثير من آياتها إلى طريق الحق حتى يسلكوه، و حتى لا يكون لهم عذر يوم القيامة.
و أمرت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في كثير من آياتها- أيضا- أن يكشف لهم عن ضلالهم و فسوقهم عن أمر ربهم.
و من ذلك قوله- تعالى-: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ‏.
و قوله- تعالى-: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلی  شَيْ‏ءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ‏.
و قوله- تعالى-: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ، وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ، وَ أَضَلُّوا كَثِيراً، وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ‏.
و قد ذكرت السورة الكريمة- كما سبق أن أشرنا- ألوانا من مسالك اليهود الخبيثة لكيد الدعوة الإسلامية، كتحاكمهم إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم لا بقصد الوصول إلى الحق، و إنما بقصد إظهاره بمظهر الجاهل بأحكام التوراة و لكن اللّه- تعالى- خيب سعيهم، و أبطل مكرهم، و كاستهزائهم بالدين الإسلامى و شعائره:
قال- تعالى-: وَ إِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَ لَعِباً، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ‏.
كما ذكرت- أيضا- أنواعا من رذائلهم التي من أشنعها: نقضهم للعهود و المواثيق، و مسارعتهم في الإثم و العدوان، و أكلهم أموال الناس بالباطل، و تكذيبهم للرسل تارة، و قتلهم لهم تارة أخرى.
أما فيما يتعلق بالنصارى فقد تميزت سورة المائدة بالإفاضة في الحديث عنهم بصورة لا تكاد توجد في غيرها بهذه السعة.
فقد تحدثت عن عقائدهم الباطلة، و عن أقوالهم الكاذبة في شأن عيسى عليه السلام- و في شأن أمه مريم، وردت عليهم بما يدحض حجتهم، و بما يرشدهم إلى الصراط المستقيم.
و قد أنصفت السورة من يستحق الإنصاف منهم، و بشرت أولئك الذين اتبعوا الحق منهم بالثواب الجزيل من اللّه- تعالى.
4- أن الذي ينظر في الأحكام و التشريعات و التوجيهات التي اشتملت عليها سورة المائدة يراها تمتاز بأنها أحكام نهائية لا تقبل النسخ.
و خذ على سبيل المثال ما ورد في هذه السورة بشأن تحريم الخمر، فإنك تراه قاطعا و حاسما في التحريم.
فلقد مر تحريم الخمر بمراحل كان أولها قوله- تعالى- في سورة البقرة: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ (الآية 219).
و كان ثانيها قوله- تعالى- في سورة النساء: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكاری  حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ‏ (الآية 43).
و كان آخرها قوله- تعالى- هنا في سورة المائدة: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصابُ وَ الْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ وَ يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ عَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ‏.
و السر في أن الأحكام الشرعية التي وردت في هذه السورة تعتبر نهائية و لا تقبل النسخ. أن معظم آياتها- كما سبق أن ذكرنا- كان من آخر ما نزل على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم من قرآن، و كان نزول كثير من آياتها بعد أن انزوى الشرك في مخابئه، و صار المسلمون في قوة و منعة، كانوا بها أصحاب السلطان في مكة و في بيت اللّه الحرام، دون أن يتعرض لهم متعرض، أو ينازعهم منازع، فقد تم فتح مكة و دخل الناس في دين اللّه أفواجا.
و لهذا فأنت لا ترى السورة الكريمة تتحدث عن الشرك أو عن المشركين، أو عن الجهاد في سبيل اللّه و ما يتعلق به من حض عليه و من أحكام تختص به.
و إنما سورة المائدة تتحدث عن قضايا أخرى كان المسلمون في حاجة إليها عند نزولها. و من أهم هذه القضايا: حث المؤمنين على التزام العهود و المواثيق و تحذيرهم من الإخلال بشي‏ء منها، و إنزال التشريعات التي هم في حاجة إليها بعد أن تم لهم النصر على أعدائهم، و إرشادهم إلى طرق المحاجة و المناقشة التي يردون بها على ما يثيره أهل الكتاب من شبهات حول تعاليم الإسلام و آدابه و تشريعاته. و بيان وجه الحق فيما حكته السورة عن أهل الكتاب من أقوال باطلة، و من معتقدات فاسدة.
أما فيما يتعلق بالشرك و المشركين أو بالجهاد في سبيل اللّه، فلم يكن مقتضى حال المسلمين يستدعى الكلام في ذلك، لأن نزول معظمها كان بعد أن تم للمسلمين النصر على أعدائهم، و بعد أن أصبحت كلمتهم هي العليا، و كلمة المشركين هي السفلى.
و قد تكفلت السور المدنية الأخرى التي نزلت قبل سورة المائدة بالحديث المستفيض عن الشرك و عن المشركين، و عن الحض على الجهاد في سبيل اللّه، و عن غير ذلك من القضايا التي تقتضيها حالة المسلمين.

 

التفسير لكتاب الله المنير

سورة المائدة:
و هي مدنية الّا قوله  أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ فانه نزل و النبىّ (ص) على راحلته في حجة الوداع عدد آيها عند الأكثرين 122 آيه و جاء في الآثار ان القرآن كان ينسخ بعضه بعضا و انّما يؤخذ بحكم إذا أمر رسول اللّه (ص) بأخذه و كان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة نسخت ما قبلها و لم ينسخها شي‏ء و لقد نزلت عليه و هو على بغلة شهباء و ثقل عليه الوحى حتى وقفت و تدلّى بطنها حتى كادت سرّتها تمسّ الأرض و أغمى على رسول اللّه (ص) حتى وضع يده على رأس شيبه بن وهب الجمحي ثم رفع ذلك عن رسول اللّه (ص) فقرء علينا سوره المائدة.

 

الفرقان فى تفسير القرآن بالقرآن

سورة المائدة- مدنية- و آياتها مائة و عشرون «سورة المائدة» هي برمّتها آخر مائدة من موائد الوحي القرآني- كما القرآن هو الآخر بين سائر الكتب السماوية- نزلت في حجة الوداع بين مكة و المدينة «1» عام الفتح، و لم ينزل بعدها شي‏ء حسب ثابت الأثر و كما يؤثر عن النبي (ص):
‏____________________________
(1). الدر المنثور 3: 252- أخرج أبو عبيد عن محمد بن كعب القرظي قال: نزلت سورة المائدة على رسول اللّه (ص) في حجة الوداع بين مكة و المدينة و هو على ناقته فانصدعت كتفها فنزل عنها رسول اللّه (ص). و في نور الثقلين 1: 582 روى العياشي عن عيسى بن عبد اللّه عن أبيه عن جده عن علي (ع) قال: كان القرآن ينسخ بعضه بعضا و إنما يؤخذ من أمر رسول اللّه (ص) بآخره و كان من آخر ما نزل عليه سورة المائدة نسخت ما قبلها و لم ينسخها شي‏ء و لقد نزلت عليه و هو على بغلته الشهباء و ثقل عليها الوحي حتى وقفت و تدلى بطنها حتى رأيت سرتها تكاد تمس الأرض و أغمي على رسول اللّه (ص) حتى وضع يده على ذؤابة شيبة ابن ذهب الجمعي ثم رفع ذلك عن رسول اللّه (ص) فقرأ علينا سورة المائدة فعمل رسول اللّه و عملنا. و فيه عن تهذيب الأحكام الحسين بن سعيد عن صفوان عن العلا عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال في حديث طويل: سبق الكتاب الخفين إنما نزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين.

«المائدة من آخر القرآن تنزيلا فأحلوا حلالها و حرموا حرامها» «1».
و هذه عناية للإبقاء على حلالها و حرامها بلا نظرة نسخ أو تحوير خلاف ما كانت في سائر الوحي- أحيانا مهما قلت- في أية صورة من صور النسخ، استئصالا لحكم عن بكرته، أم توسعة أو تضييقا، حيث الثلاثة كلها نسخ لغويا و في اصطلاح الكتاب و السنة.
إذا فهي ناسخة غير منسوخة على الإطلاق، ضابطة ثابتة أنها لم تقيّد أو تخصص أو تبدّل في حكم عن بكرته، و ذلك المثلث هو المعني من النسخ في منطق السنة سلبا و إيجابا، ذلك، و إذا شك في آية منها أو آيات أنها نازلة
______________________________
(1). الدر المنثور 2: 252، أخرج أبو عبيد عن ضمرة بن حبيب و عطية بن قيس قالا قال رسول اللّه (ص): المائدة ..
أقول: تجد هذا المضمون في كتب الشيعة كتفسير العياشي 1: 288 و 301 و البحار 9: 69 و البرهان 1: 430 و 452 و الصافي 123 و مجمع البيان 3: 105 و الوسائل الباب 38 من أبواب الوضوء 61 و جامع أحاديث الشيعة 117، و في كتب إخواننا السنة إضافة إلى ما تقدم في فتح القدير 3: 2 و تفسير ابن كثير 3: 2 و تفسير الخازن 1: 423 و المنار 6: 116 و تفسير القرطبي 6: 30- 31 و الإتقان 1: 27 النوع الثامن و مناهل العرفان 1: 92 و الناسخ و المنسوخ للنحاس 116 و أكثر أحاديثهم موقوفة على الصحابة و من بعدهم إلا أن‏ في فتح القدير حديث مرفوع إلى النبي (ص) قال: المائدة من آخر القرآن تنزيلا فأحلوا حلالها و حرموا حرامها، و كذا في القرطبي‏ أن النبي (ص) بعد أن قرأ سورة المائدة في حجة الوداع قال: يا أيها الناس إن سورة المائدة آخر ما نزل فأحلوا حلالها و حرموا حرامها، و نظيره في تفسير الخازن مرفوعا عن النبي (ص) و قد أخرج الحاكم في المستدرك 3: 311 و صححه الترمذي في كتاب التفسير تفسير سورة المائدة الحديث 23 عن عائشة أنها آخر سورة نزلت فما وجدتم من حلال فاستحلوه و ما وجدتم من حرام فحرموه، و في تفسير الفخر الرازي 11: 163 و اجمع المفسرون أن هذه السورة لا منسوخ فيها البتة إلا قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّه  و مثله في تفسير الطبري 6:60 و مثله في القرطبي قال الشعبي، أقول: و لم تنسخ‏ لا تُحِلُّوا بآية القتال فإنها تسمح للدفاع و ليس هو إحلالا للشهر الحرام، و في الناسخ و المنسوخ عن أبي ميسرة: لم ينسخ من المائدة بشي‏ء.

قبلها فقد تنسخ أم فيها فلا تنسخ؟ فالأصل أنها منها حيث المائدة نزلت جملة واحدة تباعا، مهما حولت آية التبليغ إلى ما بعد آية تكميل الدين و إتمام النعمة لمصالح بيانية سوف نأتي عليها.
و اعتبارا بمنزلها الوسيط بين مهبطي الوحي قد يصح أن تسمى مكية مدنية، مكية لنزولها قرب مكة، و مدنية حيث نزلت بعد الهجرة.
ذلك، و بالمراجعة الموضوعية الدقيقة إلى مقاطع المائدة نرى الطابع البارز فيها، المتميز بين سائر السور، أنه طابع التقرير و الحسم في التعبير لكل مسير و مصير، حسما و تقريرا يحلّقان على كافة المواضع و المواضيع التي تتبناها، و مهما كان القرآن كله بذلك النمط لكنّما الآيات القلّة المنسوخة خارجة عن ذلك المسير، حيث تلمح بنفسها أنها محددة لردح من الزمن ثم تنسخ، اللّهم إلّا في نسخ التخصيص و التعميم، و التقييد و التطليق.
و قد تكفي آيتا التبليغ و إكمال الدين و إتمام النعمة فيها، بيانا شافيا أنها هي- حقا- المائدة الأخيرة من سماء الوحي، تنزل على الرسول (ص) في أخريات زمنه الرسولي، كحجر الأساس لبناية الصرح الرسالي الخالد منذ بزوغه إلى يوم الدين.
و في دراسة دقيقة خاطفة عاطفة لآياتها مع بعضها البعض نجدها كأنها نزلت جملة واحدة كماهيه- اللّهم إلا آية التبليغ حيث تلمح لامعة أنها نزلت قبل آية الإكمال و الإتمام- مما يوحد تنزيلها و تأليفها كما و أن ذلك التجاوب يتواجد- كضابطة أصيلة- في السور كلها، اللّهم إلّا ما ثبت خلافه بدليل.
ذلك، و قد نلمس هيمنتها الشاملة في مواضيعها كأشمل ما نجده في القرآن كله، فإنها براعة ختام كما الجزء الثلاثون براعة استهلال، فقد ختم القرآن بما استهل به في دلالة جامعة على القرآن كله، بفاصل أن المائدة هي ناسخة غير منسوخة.
فهذه المائدة بين سائر الموائد القرآنية لها ميزات أربع لا توجد في سائرها «1» إلّا في بعض منها في البعض من السور، و من جمعيّتها للقرآن كلّه:
أن آيتها الأولى تأمر المؤمنين بالإيفاء بالعقود بصورة مستغرقة تشمل كافة العقود الصالحة للعقد و الوفاء، مذكورة في سائر القرآن و سواها.
و آيتها الأخيرة تحلّق ربانية الملك و القدرة الإلهية على كل شي‏ء: لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما فِيهِنَّ وَ هُوَ عَلی  كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ.
و بينهما متوسطات الإرشادات و الدعوات الربانية الأخيرة التي تتبنّى أخريات اللبنات الخالدة لصرح الإسلام الشاهق السامق، ما لن تزلزلها زلازل و لا تعصفها عواصف أو تقصفها قواصف.

 

بيان المعانى

نزلت بالمدينة بعد سورة الفتح عدا الآية (5) المذكور فيها (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) إلخ، فإنها نزلت في عرفات في حجة الوداع و التي واقف فيها. و هي مئة و عشرون آية، و أربعة آلاف و مئة و ثلاثون كلمة، و عشرة آلاف و خمسمائة حرف، تقدمت السّور المبدوءة بما بدئت في سورة الكافرين ج 1، و لا يوجد سورة مختومة بما ختمت به و لا مثلها في عدد الآي.

 

تفسير اثنا عشرى

سوره پنجم «مائده»:
اين سوره مباركه بنابر قول ابن عباس و مجاهد مدنى است؛ و نزد جعفر بن مبشر و شعبى مدنى است مگر آيه  «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» كه نزول آن در حجة الوداع بوده وقتى كه آن حضرت بالاى راحله بود. «1» عدد آيات آن: نزد كوفى صد و بيست آيه است؛ و نزد بصرى صد و بيست و سه؛ و صد و بيست و دو در نزد غير آنها. و خلاف در سه آيه می باشد «بِالْعُقُودِ» «2» و «يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ» «3»، كوفی  «فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ» «4» بصرى است.
______________________________
(1) مجمع البيان ج 2 ص 150
(2) آيه اوّل.
(3) آيه 15.
(4) آيه 23.

كلمات آن: دو هزار و هشتصد و چهار كلمه.
و حروف آن: يازده هزار و نهصد و سى حرف.
… و بايد دانست كه چون حق تعالى ختم سوره نساء فرمود به ذكر احكام شريعت، افتتاح اين سوره را نمايد به بيان احكام؛ به اين وجه كه اول على الاجمال ذكر آن را فرمايد، بقوله «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و بعد على التفصيل بيان آن را مشروحا عنوان می فرمايد.

 

تفسير احسن الحديث

سورة المائدة مدنيّة و آياتها 120 نزلت بعد سورة الفتح‏.
در مدينه نازل شده و صد و بيست آيه است 1- بنا بر روايات، سوره مائده آخرين سوره مفصل است كه در مدينه نازل گرديد، در تفسير عياشى از زرارة از حضرت باقر عليه السّلام نقل شده كه على بن ابى طالب صلوات اللَّه عليه فرمود: دو ماه يا سه ماه به رحلت رسول خدا صلى اللَّه عليه و اله مانده بود كه سوره مائده نازل شد «1».
در ضمن روايت ديگرى از امير المؤمنين عليه السّلام نقل كرده كه فرمود: به وقت نزول سوره مائده، رسول خدا صلى اللَّه عليه و اله سوار بر قاطر شهباء بود، نزول وحى بر آن حضرت سنگين شد، بطورى كه قاطر ايستاد و شكمش به طرف زمين آمد به قدرى كه می خواست نافش بزمين برسد، بيحالى وحى آن حضرت را فرا گرفت به حدى كه دست خويش را بر موى پيشانى شيبة بن وهب جمحى گذاشت، چون بيحالى از آن حضرت رفت سوره مائده را بر ما خواند، او به آن عمل كرد، ما نيز عمل كرديم.
در الميزان فرموده: اهل نقل اتفاق دارند بر اينكه: مائده آخرين سوره مفصل است كه بر آن حضرت در اواخر عمرش نازل گرديد، در روايات آمده كه اين سوره ناسخ است و منسوخ نيست.
______________________________
(1)«عن زرارة بن اعين عن ابى جعفر (ع) قال: قال على بن ابى طالب صلوات اللَّه عليه: نزلت المائدة قبل ان يقبض النبى (ص) بشهرين او ثلاثة اشهر».

بنا بر اين بايد اين سوره بعد از سوره توبه نازل شده باشد كه بالاتفاق در سال نهم هجرت نازل گرديده است ولى طبرسى در تفسير سوره هل اتى توبه را بعد از مائده نقل كرده، ما نيز در مقدمه تفسير به استناد سندى كه ارائه داده ايم آيه شصت و هفتم آن را آورده ايم و اللَّه اعلم.
2- عدد آيات آن در شمارش قارئان كوفى صد و بيست و به نظر قارئان بصره صد و بيست سه و در نقل ديگران صد و بيست دو آيه است، علّت اختيار شمارش كوفى آن است كه عاصم بن ابى النجود آن را از ابى عبد الرحمن سلمى از على عليه السّلام نقل كرده است. (مجمع البيان).
گويند: اين سوره داراى دو هزار و هشتصد و چهار كلمه و يازده هزار و هفتصد و سى سه حرف است و اللَّه العالم.
3- سوره مباركه به شهادت آيات آن، مدنى است و كسى خلاف آن را نگفته است، بايد دانست: منظور از سوره و آيه هاى مدنى آن است كه بعد از هجرت نازل شده باشند خواه در شهر مدينه يا در غير آن، مثلا آيه  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ … آيه سوم و آيه  يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ….
از اين سوره در حجة الوداع در غدير خم نازل شده است باز مدنى می باشند.
و نيز منظور از سوره آيه هاى مكى آن است كه قبل از هجرت نازل شوند خواه در خود مكه يا در غير آن.
4- در مجمع البيان از ابى حمزه ثمالى از حضرت صادق عليه السّلام نقل شده سوره مائده همه اش به يك بار نازل گرديد و هفتاد هزار ملك به همراه آن فرود آمدند، از روايت امير المؤمنين سلام اللَّه عليه نيز معلوم شد، همه سوره يك دفعه نازل شده است، ناگفته نماند: اين سخن مخالف آن نيست كه آيه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ …
و آيه  يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ … در جحفه و در غدير خم نازل شده باشد، می شود گفت: اين دو آيه دو بار نازل شده است و يا منظور هر دو امام بزرگوار عليهما السّلام همه سوره است به استثناى اين دو آيه، كه زيرا از طرف شيعه و اهل سنت ثابت شده است كه آن دو آيه در غدير خم نازل شده اند.
5- علت نامگذارى به سوره مائده، ظاهرا آمدن آيه  قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ … آيه يكصد و چهارده در اين سوره است از باب تسميه كل باسم جزء، از روايات معلوم می شود كه در زمان رسول خدا صلى اللَّه عليه و اله به وسيله خود آن حضرت اين سوره مائده ناميده شده است.
6- اين سوره با دستور أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و فرمان وفا به عهد شروع می شود و با وعده نزول مائده بر نصارى كه عهدى بود از جانب خدا و با بيان اينكه عيسى بن مريم به پيمان بندگى وفا كرد بانجام می رسد، در خلال اين دو، بسيارى از احكام حلال و حرام ذكر می شود كه همه پيمانهاى الهى هستند كه از بندگان گرفته شده است.
در اين سوره سه بار از ميثاق بنى اسرائيل و نصارى ياد شده، آن گاه مقدارى از احوال كسانى كه مقررات و پيمانهاى خدا را شكسته اند، بيان شده است، چنين به نظر می رسد كه سوره مباركه در أَوْفُوا بِالْعُقُودِ خلاصه می شود و همه مطالب آن در تحت همين عنوان می باشد.
در الميزان فرموده: غرض جامع در اين سوره، دعوت به وفا به عهد و مراعات بيانهاى حق است هر چه باشد، و تهديد شديد است به آنهايى كه پيمانهاى حق را می شكنند و به آنها اعتناء نمی كنند و اينكه عادت خدا بر آن جارى است كه بر اهل ايمان و تقوى و نيكوكارى، رحم كند و بر آنها سهل گيرد و با اهل طغيان و تجاوز و عهد شكنان سخت‏گيرى نمايد.
لذا می بينى كه سوره بر بسيارى از احكام حدود و قصاص و بر مثل قصه مائده و سؤال عيسى، قصه فرزندان آدم، بسيارى از مظالم و عهد شكنيهاى بنى اسرائيل شامل است و نيز بر بسيارى از آياتى كه خدا در ضمن آنها بر مردم منت می نهد مانند اكمال دين و اتمام نعمت و حلال كردن طيبات و اينكه در دين عسر و حرج نيست، شامل می باشد.

 

تفسير المراغى

سورة المائدة:
هذه السورة تسمى سورة المائدة و سورة العقود و سورة المنقذة، و هى مدنية بناء على المشهور من أن المدني ما نزل بعد الهجرة و لو فى مكة، و قد روى فى الصحيحين عن عمر:
أن قوله تعالى «اليوم أكملت لكم دينكم إلخ نزلت عشية عرفة يوم الجمعة عام حجة الوداع».
و آياتها مائة و عشرون فى العدّ الكوفي، و مائة و ثنتان و عشرون فى العد الحجازي، و مائة و ثلاث و عشرون فى العدّ البصري و وجه التناسب بينها و بين ما قبلها من وجوه:
1) إن سورة النساء اشتملت على عدّة عقود صريحا و ضمنا، فالصريح عقود الأنكحة و الصداق و الحلف و المعاهدة و الأمان، و الضمنى عقود الوصية و الوديعة و الوكالة و الإجارة.
2) إن سورة النساء مهدت لتحريم الخمر، و سورة المائدة حرّمتها البتة فكانت متممة لشی ء مما قبلها.
3) إن معظم سورة المائدة فى محاجة اليهود و النصارى مع ذكر شی ء عن المنافقين و المشركين، و قد تكرر ذكر ذلك فى سورة النساء و أطيل به فى آخرها.
و وجه تقديم النساء و تأخير المائدة أن الأولى بدئت بيا أيها الناس و فيها الخطاب بذلك فى مواضع، و هذا أشبه بالتنزيل المكي، و الثانية بيا أيها الذين آمنوا و فيها الخطاب بذلك فى مواضع، و هذا أشبه بالتنزيل المدني المتأخر عن الأول.

 

تفسير جامع

سوره مائده:
در مدينه نازل شده سوره مائده در مدينه نازل شده و يكصد و بيست آيه و دو هزار و هشتصد و چهار كلمه و يازده هزار و هفتصد و سى حرف ميباشد.

 

تفسير كوثر

مشخصات و فضايل سوره مائده:
اين سوره مباركه پنجمين سوره از قرآن كريم و چهارمين سوره از سوره طوال است و همه آيات آن در مدينه نازل شد، بجز آيه اليوم اكملت لكم دينكم كه در حجة الوداع نازل گرديده و گفته می شود كه اين سوره آخرين سوره اى است كه بر پيامبر نازل شده و نزول آن بعد از سوره فتح بوده است. ضمنا اين سوره صد و بيست آيه دارد و علت نامگذارى اين سوره به «مائده» اشتمال آن بر داستان درخواست عيسى از خداوند است كه از او طلب كرد كه مائده اى از آسمان بفرستد و مائده به معناى سفره و خوان غذاست.
در فضيلت خواندن اين سوره روايتهاى متعددى وارد شده و به طوريكه پيشتر نيز گفته ايم اين روايات جهت تشويق مردم به خواندن قرآن است و اگر كسى اين سوره ها را به قصد آن ثوابها بخواند، اميد است كه خداوند آن ثوابها را به او بدهد.
ابى بن كعب از پيامبر (ص) نقل كرده كه هر كس سوره مائده را بخواند به تعداد يهود و نصارايى كه در روى زمين نفس می كشند، خدا به او ده ثواب می دهد و ده گناه می بخشد و ده درجه بالا می برد.
از امام باقر (ع) نقل شده كه فرمود: هر كس سوره مائده را در هر روز پنجشنبه بخواند ايمان خود را به ظلم در نياميخته و به خدا شريك قرار نداده است.

دورنمايى از اين سوره:
در اين سوره نخست مؤمنان را به سوى وفاى به عهد می خواند سپس مطالبى را درباره خوردن گوشت حيوانات بيان می كند و بعضى از احكام حج و قربانى كردن را می آورد و مردم را از ظلم و تعدى به ديگران منع می كند و به سوى همكارى و تعاون در كارهاى نيك می خواند. سپس بعضى از حيواناتى را كه خوردن گوشت آنها حرام است برمی شمارد و در وسط آن از اكمال دين و اتمام نعمت و مأيوس شدن كافران از نابودى اسلام سخن به ميان می آورد كه به گفته مفسران مربوط به نصب على بن ابى طالب (ع) به خلافت و وصايت است.
آنگاه از بعضى از خوردنيهاى حلال از جمله طعام اهل كتاب و نيز درباره زنان سخن می گويد و مطلب را به ذكر بعضى از احكام شرعى مانند وضو و غسل و تيمم می كشاند سپس مردم را به سوى عدالت می خواند تا اينكه سخن از بنى اسرائيل به ميان می آورد و بعد از آن از نصارى سخن می گويد و فخرفروشى يهود و نصارى را كه خود را دوستان و فرزندان خدا می دانستند می كوبد و بار ديگر حضرت موسى و قوم او را ياد می كند.
در آيات بعدى داستان فرزندان آدم (هابيل و قابيل) را ذكر می كند و به دنبال آن اين حكم را صادر می كند كه هر كس كسى را بی جهت بكشد مثل اين است كه همه انسانها را كشته است و به مناسبتى كيفر محاربان با خدا و رسول را بيان می كند و به دنبال آن كيفر دزدان را بيان می كند كه بايد دست آنها قطع شود.
سپس از تحريف سخنان خدا توسط يهود و از خصومت آنها ياد می كند و تورات را می ستايد و احكام قصاص را بيان می كند سپس بار ديگر سخن را به ذكر حضرت عيسى و انجيل سوق می دهد و از پيامبر اسلام می خواهد كه در ميان آنها مطابق با آنچه خدا نازل كرده حكم كند. سپس مؤمنان را از دوستى با يهود و نصارى بر حذر می دارد و بعضى از حالات ناصواب آنها را ذكر می كند و در آيه بعدى به مؤمنان هشدار می دهد كه اگر بعضى از آنها مرتد شوند، خداوند كسان ديگرى را می آورد كه به احكام قرآن عمل كنند سپس ولىّ مؤمنان را معرفى می كند كه عبارتند از خدا و رسول و آنها كه در حال ركوع زكات می دهند كه تفسير به وجود مقدس على بن ابى طالب (ع) شده است.
در ادامه سوره پس از توصيه هايى درباره دوستى با خدا و رسول، حزب الله را به عنوان حزب پيروز معرفى می كند و مؤمنان را از دوستى با لاابالی ها و كفار برحذر می دارد. آنگاه خطابى به اهل كتاب دارد و پس از ذكر نكاتى درباره اهل كتاب اين سخن يهود را نقل می كند كه می گفتند دستان خدا بسته است و آن را ردّ می كند و جنگ افروزى و فتنه گرى يهود را گوشزد می نمايد سپس درباره اهل كتاب از در مهر وارد می شود و اظهار می دارد كه اگر آنها براستى ايمان و تقوا داشته باشند گناهان آنها را می بخشيم و اگر براستى تورات و انجيل را برپا دارند به نعمتهايى می رسند و بعد، آنها را به دو دسته خوب و بد تقسيم می كند.
در آيه بعدى پيامبر را مورد خطاب قرار می دهد و به او فرمان می دهد كه آنچه بر او نازل شده بر مردم ابلاغ نمايد كه اگر آن را ابلاغ نكند به رسالت خود عمل نكرده است و قول می دهد كه او را از گزند دشمنان حفظ نمايد (اين همان آيه مربوط به داستان غدير خم و نصب امير المؤمنين على بن ابى طالب (ع) بر وصايت و خلافت است)
بار ديگر روى سخن با اهل كتاب است و ضمن فراخوانى آنها به اقامه تورات و انجيل، از طغيانگرى و كفر ورزى بسيارى از آنها انتقاد می كند و درباره آن گروه از مؤمنان و يهود و نصارى و صابئين كه براستى ايمان به خدا و روز قيامت داشته باشند و عمل صالح كنند نويد می دهد كه برآنان بيمى نيست و نه غمگين خواهند شد. سپس مطالبى درباره بنى اسرائيل و پيمان شكنى آنها و نيز نصارى و انحراف فكرى آنها بيان می كند و آنها را از غلوّ در دين برحذر می دارد و پس از ذكر مطالبى درباره بنى اسرائيل و يهود، مؤمنان را مورد خطاب قرار می دهد و به آنها گوشزد می كند كه آنچه را كه خدا حلال كرده، برخود حرام نكنند و در دين از حدّ نگذرند و بعد از آن درباره سوگند خوردن سخن می گويد و كفاره شكستن سوگند را ذكر می كند. سپس شرابخوارى و قماربازى را تحريم می كند و آنها را از جمله كارهاى شيطانى برمی شمارد و يادآور می شود كه شيطان می خواهد با شرابخوارى و قماربازى ميان شما ايجاد عداوت كند، آنگاه مؤمنان را به اطاعت از خدا و رسول می خواند و درباره آن گروه كه پيش از تحريم شراب آن را می خوردند، می گويد كه بر آنها باكى نيست اگر ايمان و تقوا داشته باشند
در آيات بعدى راجع به صيد در حال احرام و بعضى از احكام آن و سپس راجع به عظمت كعبه سخن می گويد و با اشاره به وظيفه پيامبر، اعلام می دارد كه ناپاك و پاك يكسان نيستند اگر چه ناپاك بسيار باشد و از مؤمنان می خواهد كه از چيزهايى نپرسند كه اگر بدانند باعث دردسر آنها خواهد شد و از گروهى كه بر خدا افترا می بندند و خود را پيرو پدران خود می دانند ياد می كند و به مؤمنان تذكر می دهد كه مواظب خود باشند و گمراهى ديگران آنها را ضرر نمی رساند. پس از اين مطلب، درباره وصيت كردن و شاهد گرفتن بر آن و بعضى از احكام سخن می گويد.
در آيات بعدى ضمن اظهار مطلبى درباره تمام پيامبران، از عيسى بن مريم ياد می كند و نعمتهاى بسيارى را كه خداوند به او داده بود يادآور می شود و داستان مائده را مطرح می كند كه عيسى از خداوند درخواست كرد كه از آسمان سفره اى و غذايى براى او نازل كند و خدا وعده نزول آن را می دهد. سپس به گفتگوى خداوند با عيسى در روز قيامت می پردازد و به همين مناسبت سخنى درباره قيامت مطرح می كند و اينكه آن روز روزى است كه راستگويان را راستگويى سود خواهد داد و بهشت جايگاه آنهاست و خدا از آنها راضى و آنها از خدا راضى هستند و اين رستگارى بزرگى است و بالاخره سوره را با يادآورى قدرت بی پايان الهى به پايان می برد.

 

تفسير نور

سيماى سوره ى مائده:
اين سوره يكصد و بيست آيه دارد و چند ماه پيش از رحلت پيامبراكرم صلى الله عليه و آله نازل شده و هيچ يك از آيات آن نسخ نگشته است.
اين سوره به خاطر دعاى حضرت عيسى عليه السلام براى نزول مائده ى آسمانى كه در آيه ى 114 آمده، «مائده» ناميده شده است؛ البتّه به «عهد» و «عقود» نيز نام‏گذارى شده، در مجموع آياتِ اين سوره نسبت به يك پيمان‏شكنى مهم هشدار می دهد.
بيشترين خطاب‏ «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» در اين سوره است. مثلًا در سوره ى بقره يازده مرتبه؛ ولى در اين سوره، شانزده مرتبه آمده است.
اين سوره شامل مسائلى از قبيل: ولايت و رهبرى، ردّ عقيده ى تثليث، وفاى به عهد و پيمان‏ها، گواهى دادن به عدل، تحريم قتل، احكام خوردنی ها، احكام وضو، غسل و تيمّم، سفارش به عدالت اجتماعى و احكام وصيّت، قصاص، سرقت، زنا و … می باشد.
چون از آخرين سوره هايى است كه نازل شده، با جمله ی  «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» در آغاز سوره، سفارش به انجام همه ى تعهّدات و پيمان‏ها دارد.

 

روض الجنان و روح الجنان فى تفسيرالقرآن

سورة المائدة:
مدنى است در قول عبد اللَّه عبّاس و مجاهد و قتاده، و جعفر بن مبشّر گفت:
مدنى است مگر يك آيت كه در حجّة الوداع آمد و هى قوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ و در اخبار اهل البيت هم چنين‏ آمد و بنزديك ما آيت ديگر در اين سورت در حجّة الوداع آمد به جای كه آن را غدير خم گويند در اخبار ما و اخبار مخالفان‏ ما از اصحاب الحديث و اصحاب الرّأى و هى قوله: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ‏- الاية. و عدد آيات او صد و بيست و يك است در كوفى [و بيست و دو در مدنی]  و بيست و سه در بصرى و عدد كلماتش دو هزار و هشتصد و چهار كلمت است و حروفش يازده هزار و نهصد و سى حرف است‏.

 

زاد المسير فى علم التفسير

سورة المائدة:
قال ابن عباس، و الضّحّاك: هي مدنيّة. و قال مقاتل: نزلت نهارا و كلّها مدنيّة. و قال أبو سليمان الدّمشقيّ: فيها من المكّي‏ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ قال: و قيل: فيها من المكّيّ‏ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّه  و الصّحيح أنّ قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ نزلت بعرفة يوم عرفة، فلهذا نسبت إلى مكة.

 

سواطع الالهام فى تفسير القرآن

سورة المائدة:
(سورة المائدة) موردها مصر رسول اللّه (صلّی الله علیه وآله)، و محصول أصول مدلولها: الأمر لأداء العهود، و إعلام ما أحلّه اللّه ممّا له حسّ و حراك و إحرام المحرّم، و إعلام إكمال الإسلام و إعلاء أحكام المصطاد، و حلّ طعام أهل الطرس، و حلّ أهول حررهم الصوالح، و إعلام أحكام الموص و أحكام ما صلّوا، و ألس أهل الطرس للرسول (صلّی الله علیه وآله) و كلام اللّه، و إعلام الكلام المردود لرهط روح اللّه، و إعلاء ما عمل ولد آدم و أهلك أحدهما و حكم لصوص الصراط و حكم الإسلال و حدّ عامله، و لوم أهل الطرس لولعهم و إعلاء، أحكام الكلوم و سواها، و ردع أهل الإسلام عمّا ودّ الهود و رهط روح اللّه، و الردّ لأهل الردّ، و مدح العماس مع أعداء الإسلام، و إعلام ودّ اللّه و الرسول لأهل الإسلام و إلهاد الهود لإعلام ما صلّوا، و لوم الهود لسوء كلامهم، و لوم رهط روح اللّه لطلاح أوهامهم، و إعلام حدّ عداء أحدهم أحدا، و مدح أهل إسلام هم أهل طرس ورودا صدد رسول اللّه (صلّی الله علیه وآله) و أرسلهم ملك السود و حكم عهودهم، و إحرام المدام و إحرام مصطاد الحرم، و الردع عمّا سألوا عداء و حسدا أو حكم إعلام أهل الطرس و حسم المراء معهم، و لمّ الأمم مع الرسل معادا، و إعلام أعلام ألوك روح اللّه، و ورود الطعام لسؤال رهطه رسول اللّه له معادا ردّا لرهط ألّهوه، و إعلام سطوع عود السداد لأهل السداد معادا و ما سواها.

 

فتح القدير

سورة المائدة:
قال القرطبي: هي مدنيّة بالإجماع. و أخرج ابن جرير و ابن المنذر عن قتادة قال: المائدة مدنيّة. و أخرج أحمد و النسائي و ابن المنذر و الحاكم و صحّحه، و ابن مردويه، و البيهقي في سننه، عن جبير بن نفير، قال:
حججت فدخلت على عائشة، فقالت لي: يا جبير تقرأ المائدة؟ فقلت: نعم، فقالت: أما إنّها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها من حلال فاستحلّوه، و ما وجدتم من حرام فحرّموه. و أخرج أحمد و الترمذي و حسّنه، و الحاكم و صحّحه، و ابن مردويه، و البيهقي في سننه عن عبد اللّه بن عمرو قال: آخر سورة نزلت سورة المائدة و الفتح. و أخرج أحمد عنه قال: أنزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم سورة المائدة و هو راكب على راحلته فلم تستطع أن تحمله، فنزل عنها. قال ابن كثير: تفرّد به أحمد. قلت: و في إسناده ابن لهيعة.

 

مجمع البيان فى تفسير القرآن

سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة (120)
توضيح‏:
هي مدنية في قول ابن عباس و مجاهد و قال جعفر بن مبشر و الشعبي هي مدنية كلها إلا قوله  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ فإنه نزل و النبي ص واقف على راحلته في حجة الوداع‏
عدد آيها:
هي مائة و عشرون آية كوفي ثلاث و عشرون آية بصري و اثنتان و عشرون في الباقين‏
اختلافها:
ثلث بالعقود و يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ غير الكوفي‏ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ‏ بصري.

 

تفسير نمونه

محتويات سوره مائده:
اين سوره از سوره هاى مدنى است و 120 آيه دارد و گفته اند پس از سوره فتح نازل شده است، و طبق روايتى تمام اين سوره در حجة الوداع و بين مكه و مدينه نازل شده است‏ «1».
اين سوره محتوى يك سلسله از معارف و عقائد اسلامى و يك سلسله از احكام و وظائف دينى است.
در قسمت اول به مساله ولايت و رهبرى بعد از پيامبر (صلّی الله علیه وآله) و مساله تثليث مسيحيان و قسمتهايى از مسائل مربوط بقيامت و رستاخيز و بازخواست از انبياء در مورد امتهايشان اشاره شده است.
و در قسمت دوم، مساله وفاى به پيمانها، عدالت اجتماعى، شهادت به عدل و تحريم قتل نفس (و به تناسب آن داستان فرزندان آدم و قتل هابيل بوسيله قابيل) و همچنين توضيح قسمتهايى از غذاهاى حلال و حرام و قسمتى از احكام وضو و تيمم آمده است.
و نامگذارى آن به” سوره مائده” بخاطر اين است كه داستان نزول مائده  «2» براى ياران مسيح- در آيه 114- اين سوره ذكر شده است.
______________________________
(1) المنار جلد 6 صفحه 116- بايد توجه داشت منظور از مدنى بودن سوره اين است كه بعد از هجرت پيامبر (صلّی الله علیه وآله) از مكه، نازل شده است، اگر چه نزول سوره در خود مدينه نباشد.
(2)” مائده” در اصل به طبقى گويند كه در آن غذا باشد.

 

دیدگاهتان را ثبت کنید

آدرس ایمیل شما منتشر نخواهد شد